الجمعة، 20 نوفمبر 2009

المسرح الشعري

المسرح الشعري

ارتبط فن المسرح منذ بداياته الاولي بالشعر الذي كان خير أداة فنية للتعبير عن المضامين المسرحية المختلفة.

" وكان ارسطو في كتابه فن الشعر اول من قنن للعلاقة الوثيقة بين الشعر والمسرح حين قال ان الشعر فن من فنون المحاكاة كالموسيقي والرسم مثلا .

ثم قسم الشعر الي شعر سردي واخر درامي. اما الشعر الدرامي قد يكون شعرا ملحميا او شعرا مسرحيا" .(1)

والشعر الملحمي يختلف عن الشعر المسرحي فيما يلي :


  • " الملحمة قصة شعرية موضوعها وقائع الابطال العجيبة التي تبوئهم منزلة الخلود بين وطنهم ويلعب الخيال فيها دورا كبيرا اذ تحكي علي شكل معجزات ما قام به هؤلاء الابطال وما به من سمو يختلف عن الشخوص العادية وعنصر القصة واضح في الملحمة فالحوادث تتوالي متمشية مع التطورات النفسية التي يستلزمها تسلسل الاحداث.
  • ولكل ملحمة أصل تاريخي صدرت عنه بعد ان حرفت تحريفا يتفق وجو الخيال في الملحمة، وهي محكية لشعب يخلط بين الحقيقة والتاريخ مما يتيح في هذا المناخ ان تحدث خوارق العادات وان يتقابل الانس والجن والالهة ، والابطال فيها يمثلون جنسهم وعصرهم ومدينتهم.

محاكاة عن طريق القصص شعرا فهي تروي الاحداث ولا تقدمها أمام عيون النظارة او القارئين كما يحدث في المأساة وهذا جوهر ما بينها وبين المأساة من فرق".(2)

اما المسرحية سواء كانت (ملهاة / مأساة) عرفها ارسطو في كتابه فن الشعر:

يعرفها ارسطو بأنها " محاكاة.... فعل تام نبيل لها طول معلوم بلغة مزودة بألوان من التزيين ... تختلف وفقا لاختلاف الأجزاء وهذه المحاكاة تتم علي يد أشخاص يفعلون لا عن طريق الحكاية والقصص و تثير الرحمة والخوف فتؤدي الي التطهير من هذه الانفعالات ".(3)

اما الملهاة :

" محاكاة الاراذل من الناس لا في كل نقيصة ولكن في الجانب الهزلي الذي هو قسم من القبيح اذ أن الهزلي نقيصة وقبح بدون إيلام ولا ضرر فالقناع الهزلي قبيح ومشوه ولكن بغير إيلام".

ويوجد تعريف اخر :

"الملهاة محاكاة فعل هزلي ناقص .. يحصل به تطهير المرء بالسرور والضحك من أمثال هذه الانفعالات"

" وينبغي الاشارة الي ان ارسطو عندما يتحدث عن الشعر والدراما فأنه يري فيهما وجهين لعملة واحدة هي المسرح الشعري ، فهو يتحدث عن محاكاة الفن للطبيعة وعن الشعر أو الدراما كفن من فنون المحاكاة.

فالشعر بصفة عامة والشعر المسرحي بصفة خاصة عند ارسطو ما هما الا تجسيد كل ما هو دائم وعام وحقيقي في حياة الانسان وافكاره ولهذا كان الشعر أفضل من التاريخ.

ويرجع نشوء الشعر الي الميل الي الايقاع والانسجام والتعلم وهذه المتعة لا تكتمل الا بوجود طرفين الشاعر والمستمع او الشاعر المسرحي والمشاهد.

ولا يشترك الشعر والدراما في عنصر الايقاع فحسب بل هناك عناصر مشتركة عديدة بينهما تجعل منهما منظومة عضوية واحدة حتي لو تخلي الشعر عن النظم او الوزن التقليدي.

فوظيفة الشعر والدراما لا توصل لنا الحياة كما هي باحداثها واخبارها بل في انها تخبرنا عما يمكن ان يحدث فهي تتعامل مع الممكن وما ينتج عن الارتباط العضوي بين الاحداث والشخصيات.

وتتبلور العلاقة بين الشعر والمسرح في نظرية ارسطو حين يشرح ما يعني بأنواع الزخرف المختلفة فأناشيد الجوقة لابد ان يتم تلحين ابياتها الشعرية حتي تغني بسرد ذي إيقاعات متميزة، اما الحوار فيكفي في الشعر وحده وان كان الايقاع يقوم بدور وظيفي في التعبير عن انفعالات الشخصيات وعما يدور في عقولها من افكار وصراعات وتناقضات".(4)

" فلا يقصد ارسطو بأنواع الزخرف المختلفة انها مجرد تجميل خارجي للأحداث والمواقف ويمكن الاستغناء عنه والقاؤه جانبا بمجرد استيعاب المعاني والمشاعر والافكار التي تنطوي عليها هذه الاحداث والمواقف فالايقاعات الشعرية لها وظيفة عضوية في نظرية التطهير.

ومع مرور الوقت طغي المسرح النثري علي المسرح الشعري حينما ادرك كتاب المسرح ان للنثر ايضا ايقاعاته وقيمه الجمالية وايضا مرونته في التعبير عن الثورات الفكرية بدليل ان شكسبير قد استخدم النثر في بعض مسرحياته الشعرية عندما يجد له وظيفة درامية قد يعجز الشعر عن القيام بها".(5)


من أهم رواد المسرح الشعري في الغرب :

1- لوركا

فدريكو جارسيا لوركا (بالإسبانية: Federico García Lorca) (و. 5 يونيو 1898 - 19 أغسطس 1936)كان شاعرا إسباني معاصرا. بالإضافة إلى الشعر كان رساما وعازف بيانو ومؤلفا موسيقيا. كان أحد أفراد ما عرف باسم الجيل '27. اغتيل من قبل الثوار الوطنيين وهو في الثامنة والثلاثين من عمره في بدايات الحرب الأهلية الإسبانية. يعده البعض أحد أهم أدباء القرن العشرين.

وفي عام 1920 عُرض فصل من مسرحية له (رقية الفراشة المشؤومة) في مدريد، وأما أولى مغامراته المسرحية الناجحة فكانت المسرحية النثرية التاريخية (ماريانا بنيدا) التي قدمت في مدريد عام 1927، وشهد العام التالي ظهور أكثر دواوين لوركا شعبية (حكايا غجرية) الذي لاقى نجاحاً مباشراً في أسبانيا وفي جميع البلاد الناطقة بالإسبانية، إذ إنه لم يكن يكتب كغالبية شعراء عصره للخاصة.(6)

2- بول كلوديل

أديب ودبلوماسي فرنسي. أصبح واحدًا من أشهر الشعراء وكتاب المسرح الفرنسيين في أوائل القرن العشرين. تمثل كتاباته إحياء الرومانية الكاثوليكية في الأدب الفرنسي والفلسفة.
يعبر كلوديل عن إيمانه الديني العميق في قصائده الغنائية مثل القصائد الخمس الكبرى 1910) م)، ولكنه اشتهر أكثر كمؤلف مسرحي بأشهر مسرحياته البشائر التي وصلت إلى ماري ((1912م التي تصور نصر الحب الإلهي المقدس، كما تصور أيضًا العلاقة بين الحب الإنساني والخلاص، والعلاقة بين الإنسانية والإرادة الإلهية، وضرورة التضحية بالنفس فداءً للآخرين.
وُلِدَ كلوديل في فيلنيف سير ـ فير بالقرب من سوسون بفرنسا، وعمل بالسلك الدبلوماسي الفرنسي في عدة بلدان في الفترة ما بين عامي 1893 و1935م. كان سفيرًا لفرنسا في كل من اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا، ثم انتخب عضوًا في الأكاديمية الفرنسية عام 1946م(7)

3- كريستوفر فراي

ولد في (1907م - ) مؤلف إنجليزي بدأ الكتابة بالشعر، محاولا إضفاء جمال وفصاحة على المسرح الإليزابيثي، واكتسب شعبيته الكبيرة خلال السنين الأخيرة من الأربعينيات وأوائل الخمسينيات، ومع ذلك فمحاولة إحياء المسرحية الشعرية لم تنجح بوصفها اتجاهًا جديدًا. أكثر مسرحيات فراي شهرة الكوميديات التي كتبها شعرًا، وأفضلها السيدة ليست للحرق (1948م)؛ والعنقاء تتكرركثيرًا (1946)؛ والزهراء المرصودة (1950م). كما قام بمواءمة التمثيليات الفرنسية الحديثة القبُّرة (1955م). على أساس مسرحية جان أنوي تتناول حياة جان دارك ونمر على الأبواب (1955م) أخذها من مسرحية جين جيرودو، وطوّرها. وهي مسرحية ضد الحرب أعدت عن حرب طروادة. كذلك كتب فراي مسرحيات دينية مثل الفتى والعربة (1938م)؛ المولود الأول (1948م)،كما كتب سيناريوهات للأفلام تشمل بن هور (1959م)؛ التّوراة (1966م). ولد فراي بمدينة بريستول.(8)

4- ت.س.اليوت ( حيث حلل العلاقة بين الشعر والمسرح في مقال نقدي له في مجموعة مقالاته (مختارات نثرية) وهو في حقيقته بيان لحركة المسرح الشعري المعاصر

ولقد أغري المسرح الشعري العديد من شعراء العرب مثل :

أ‌- احمد شوقي

أحمد شوقي بك ملقب بأمير الشعراء (1868 - 23 أكتوبر 1932شاعر مصري من مواليد القاهرة.

ولد لأب ذو أصول كردية من مدينة السليمانية العراقية وأم تركية الأصل وكانت جدته لأبيه شركسية وجدته لأمه يونانية، دخل مدرسة "المبتديان" وأنهى الابتدائية و الثانوية بإتمامه الخامسة عشرة من عمره ، فالتحق بمدرسة الحقوق ، ثم بمدرسة الترجمة. ثم سافر ليدرس الحقوق في فرنسا على نفقة الخديوي توفيق بن إسماعيل. أقام في فرنسا ثلاثة أعوام حصل بعدها على الشهادة النهائية في 18 يوليو 1893م. نفاه الإنجليز إلى إسبانيا واختار المعيشة في الأندلس سنة 1914م وبقي في المنفى حتى عام 1920م. لقب بأمير الشعراء في سنة 1927. و توفي في 23 أكتوبر 1932 و خلد في إيطاليا بنصب تمثال له في إحدى حدائق روما.(9)

ب‌- عزيز اباظة

عزيز أباظة (1899 - 1973م)، هو شاعر مصري من أصول شركسية يعد رائد الحركة المسرحية الشعرية بعد أحمد شوقي. بالأضافة إلى كونه المدير السابق لعدة أقاليم مصرية منها القليوبية والمنيا وبورسعيد وأسيوط.


ولد في منيا القمح في محافظة الشرقية عام 1898 وتلقى تعليمه الإبتدائي في المدرسة الناصرية الإبتدائية، وأكمل دراسته في كلية فيكتوريا في الإسكندرية ثم المدرسة التوفيقية بشبرا ثم المدرسة السعيدية. درس القانون وتخرج من كلية الحقوق بالقاهرة عام 1923.

تمرن على المحاماة في مكتب وهيب دوس بك المحامي لمدة عامين، ثم التحق بالحكومة وشغل عدة مناصب فيها فعمل مساعداً للنيابة فوكيلاً للنيابة في مديرية الغربية. وفاز بعضوية مجلس النواب عام 1929، عاد بعدها ليتولى عدة مناصب إدارية منها وكيلاً لمديرية البحيرة عام 1935، ومديراً للقليوبية عام 1938 ثم مديراً للفيوم ثم مديراً للبحــيرة، ثم عين محافظاً لبورسعيد وحاكماً عسكرياً عام 1942، ومنها مديراً لأسيوط. نال رتبة باشا أثناء خدمته في أسيوط، ثم عين عضواً في مجلس الشيوخ عام 1947. اختير عضواً بمجمع اللغة العربية في القاهرة سنة 1959 ورئيساً للجنة الشعر بالمجـلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب كما عين عضواً بالمجمع العلمي العراقي. حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1965.(10)

ت‌- علي احمد باكثير

هو علي بن أحمد بن محمد باكثير الكندي، ولد في 15 ذي الحجة 1328هـ الموافق 21 ديسمبر 1910م، في جزيرة سوروبايا بإندونيسيا لأبوين يمنيين من منطقة حضرموت. وحين بلغ العاشرة من عمره سافر به أبوه إلى حضرموت لينشأ هناك نشأة عربية إسلامية مع إخوته لأبيه فوصل مدينة سيئون بحضرموت في 15 رجب سنة 1338هـ الموافق 5 أبريل 1920م. وهناك تلقى تعليمه في مدرسة النهضة العلمية ودرس علوم العربية والشريعة على يد شيوخ أجلاء منهم عمه الشاعر اللغوي النحوي القاضي محمد بن محمد باكثير كما تلقى علوم الدين أيضا على يد الفقيه محمد بن هادي السقاف وكان من اقران علي باكثير حينها الفقيه واللغوي محمد بن عبد اللاه السقاف. وظهرت مواهب باكثير مبكراً فنظم الشعر وهو في الثالثة عشرة من عمره، وتولى التدريس في مدرسة النهضة العلمية وتولى إدراتها وهو دون العشرين من عمره.

تنوع أنتاج باكثير الأدبي بين الرواية والمسرحية الشعرية والنثرية، ومن أشهر أعماله الروائية (وا إسلاماه) و(الثائر الأحمر) ومن أشهر أعماله المسرحية (سر الحاكم بأمر الله) و(سر شهر زاد) التي ترجمت إلى الفرنسية و(مأساة أوديب) التي ترجمت إلى الإنجليزية.

كما كتب باكثير العديد من المسرحيات السياسية والتاريخية ذات الفصل الواحد وكان ينشرها في الصحف والمجلات السائدة آنذاك، وقد أصدر منها في حياته ثلاث مجموعات وما زالت البقية لم تنشر في كتاب حتى الآن.

أما شعره فلم ينشر باكثير أي ديوان في حياته وتوفي وشعره إما مخطوط وإما متناثر في الصحف والمجلات التي كان ينشره فيها. وقد أصدر الدكتور محمد أبوبكر حميد عام 1987 ديوان باكثير الأول (أزهار الربى في أشعار الصبا) ويحوي القصائد التي نظمها باكثير في حضرموت قبل رحيله عنها ثم صدر مؤخراً (2008) ديوان باكثير الثاني (سحر عدن وفخر اليمن) صدر عن مكتبة كنوز المعرفة بجدة يضم شعر باكثير سنة 1932 - 1933 وهي السنة التي أمضاها في عدن بعد مغادرته حضرموت ويعد حالياً ديوان باكثير الثالث (صبا نجد وأنفاس الحجاز) الذي نظمه سنة 1934 في السنة التي أمضاها في المملكة العربية السعودية قبيل هجرته النهائية إلى مصر.(11)

ث‌- عبد الرحمن الشرقاوي

عبد الرحمن الشرقاوي (1920-1978) شاعر وأديب وصحافي ومؤلف مسرحي ومفكر إسلامي مصري من الطراز الفريد.

ولد عبد الرحمن الشرقاوي في 10 نوفمبر 1920م بقرية الدلاتون محافظة المنوفية شمال القاهرة ، بدئ عبد الرحمن تعليمه في كتاب القرية ثم أنتقل إلى المدارس الحكومية حتى تخرج من كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول عام 1943م.

بدأ حياته العملية بالمحاماه ولكنه هجرها لأنه أراد أن يصبح كاتبا فعمل في الصحافة في مجلة الطليعة في البداية ثم مجلة الفجر وعمل بعد ثورة 23 يوليو في صحيفة الشعب ثم صحيفة الجمهورية ، ثم شغل منصب رئيس تحرير روزاليوسف عمل بعدها في جريدة الأهرام ، كما تولي عدد من المناصب الأخرى منها سكرتير منظمة التضامن الآسيوي الأفريقي وأمانة المجلس الأعلى للفنون والآداب.(12)

ج‌- صلاح عبد الصبور

ح‌- نجيب سرور


خصائص المسرح الشعري التي تميزه عن المسرح النثري:

1- لغة الحوار في المسرح الشعري لغة ايقاعية بحكم أن التفعيلة الشعرية تحكم مسار الحركة في اللغة.

2- الحالة الشعورية في المسرح الشعري حالة مكثفة.

3- تدفع اللغة الحدث في المسرح الشعري الي الامام بقدر ما يكثف الحدث اللغة الشعرية ليجعلها تعبر عن الموقف الدرامي.

4- يسمح الشعر بوصفه فناً قائماً علي الرمز بهيمنة عنصر الايحاء علي عنصر الرسالة في المسرح الشعري بمعني أنه يضاعف من وظيفة الشفرة.

5- تسمح شعرية اللغة كما تسمح شعرية الحدث سواء بسواء بتصوير داخل نفس الشخصية علي مساحة اوسع بمعني ان التركيز علي العمق الداخلي للنفس يوازي التركيز علي خارجها.

6- القدرة علي تصوير اللامحسوس واللامرئي من خلال:

أ – الصورة الشعرية (الكناية – الاستعارة)

ب- الاسطورة التي تعد أقرب الي الشعر منها الي النثر(13)



الهوامش :

1- نبيل راغب : دليل الناقد الأدبي، القاهرة، دار غريب، 1998، ص 199.

2- المرجع السابق: ص 200.

3-محمد غنيمي هلال : النقد الادبي الحديث ، نهضة مصر، بدون تاريخ،ص320

4- المرجع السابق: ص 201

5- المرجع السابق : ص 202.

www.ar.wikipedia.org/wik-6

7- http://mosoa.aljayyash.net

http://culture.bdr130.net-8

9-www.ar.wikipedia.org/wik

www.ar.wikipedia.org/wik-10

11- www.ar.wikipedia.org/wik

12- المرجع السابق : ص 203-204.

13- من محاضرات الراحل الاستاذ الدكتور وليد منير (رحمه الله)، مادة الادب العربي الحديث (مسرحية وشعر)، سنة 2008.


للأستزادة في الموضوع السابق :

www.wikipedia.com-1
2- http://www.saihat.netl


هناك تعليقان (2):